إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
شرح لمعة الاعتقاد
219463 مشاهدة
الترضي عن الصحابة والاستغفار لهم

أما أهل السنة فيترضون عنهم؛ لأن الله ترضى عنهم في قوله تعالى: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ وفي قوله تعالى: لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ .
فذكر أنه بهم رءوف رحيم وذكر أنه تاب عليهم، كذلك نستغفر لهم نقول: رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ والاستغفار: طلب المغفرة إذا صدر من أحدهم شيء من السيئات أو الأخطاء، فإنها قد غُفِرت لهم، كيف تغفر لهم لأنهم سبقوا غيرهم، فهم أولى بأن يغفر الله ما صدر من أحدهم من سيئة أو نحوها تُغفر لهم لأجل أعمالهم الصالحة التي عملوها في وقت القلة، وفي وقت الشدة، تُغفر لهم لأنهم صبروا على الأذى الذي نالهم ...والصبر بلا شك من أمثالهم يكون مضاعفا، تُغفر لهم؛ لأنهم صحبوا نبيهم -صلى الله عليه وسلم- وجالسوه، وآنسوه، وهذه الصحبة تصير شرفا أي صفة شرف، وفضل لهم، تُغفر لهم لأنهم جاهدوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وواسوه بأموالهم وأنفسهم، وآثروه على أنفسهم.
تُغفر لهم بسبب أنهم أقرب إلى أن يشفع لهم النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه رآهم بأعيانهم، وعرفهم بأشخاصهم. أما رؤية الأمة غيرهم، فإنما يعرفهم بصفاتهم يعني لكونهم غرلا محجلين، وأما الصحابة فيعرف أعيانهم، فهم أولى بأن يشفع لهم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب، فإنه قد تاب منه ثم قال تعالى: لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ أو غفر له بسوابقه لأعماله السابقة أو أتى بحسنات تمحوه فإن الحسنات يُذهبن السيئات أو غفر له بشفاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- أو غُفرت لهم بمصائب أصيبوا بها، فتكون المصائب مكفرة لما حصل بينهم، وما حصل منهم من باب الأخطاء.
فهذا لو قدر أن لهم ذنوبا محققة أنها ذنوب يعني: يعاقب على مثلها مع أن الذين نقلوا عنهم تلك الأخطاء إنما هي اجتهادات، أي اجتهادات فعلوها باجتهادهم فإن أصابوا فلهم أجران: أجر الاجتهاد، وأجر الإصابة، وإن أخطئوا فلهم أجر واحد أجر الاجتهاد، وخطأهم مغفور لهم؛ فكيف مع ذلك يحقد عليهم هؤلاء الرافضة ويسبونهم ويشتمونهم، المسلمون يستغفرون لهم كما أظهر الله تعالى لهم.